ما قيل عن المرأة

كثيرة هي العبارات التي قيلتْ للمرأة , وقيلتْ عنها في ذات الوقت .. فلم يغفل شاعر أو رسام او فيلسوف أو كاتب او مفكر أن يمنح ذلك الكائن اللطيف جزءا من قلبه ونتاجه الفكري.. ولم تخلُ أسطورة من أساطير الحضارات القديمة او الحديثة من برواز ضمّ بين جناحيه وجها لامرأة اختصرت ببصمتها وحضورها عالم النساء , فرحت أفتـّش في دكاكين ذاكرتي الممتلئة بكل ما تصبو إليه النساء من إكسسوارات اوعطور اوقصائد اوهدايا تكون بحجم هذا الكائن البديع, كي اصنع منها عقدا جميلا أزيـّن به واجهة الخطاب الذي احمله في عيدها العالمي فيكون جديرا بان يُعلـَّق في عنق السطور المهداة إليها كوسام شرف لقدرتها على إخراجنا من اخطر معارك الحياة منتصرين ...
إذ لطالما أمدتنا بمقومات المقاومة في أحرج المواقف وأصعبها , ومسحت عن عيوننا غبار الهزيمة في صراعنا مع الوجود , فقلبتْ في داخلنا مشاعر الانكسار واليأس فحولتها إلى طاقات متفجرة لبدء الشوط من جديد ... وكثيرا ما أعادت لنا التوازن النفسي في أقسى لحظات الإحساس بالغربة والضياع ... لكنني عندما نكشتُ صناديق المفردات المفتوحة أو المغلقة شعرتُ بالحرج , إذ لم أجد فيها ما يغريني بالثقة لأقدمه على طبق من الامتنان و التقدير إلى رافد الحياة الأساسي وقلبها المتدفق " المرأة " في يومها العالمي ... لولا أن أدركني بارقٌ من الأمل قبل أن اذهب فريسة بين أنياب الخيبة ... فعدتُ أبحث في جيوب الشاعر الكبير " نزار قباني " عما يسعفني في هذا الموقف الحرج , بحكم أن هذا الرجل - في اعتقادي - خيرُ من أنصف المرأة وعلـّمنا كيف نخاطبها .. فقد أخذتْ مساحة من شعره ونضاله الفكري والثقافي ما تأخذه أيـة قضية أخرى , وشغلته أكثر مما تشغل الفاتحين هموم النصر وأختراق القلاع الحصينة ,فعثرتُ في بطانة معطفه المعبأ بالفراشات و النجوم والعطور والأزهار و العصافير و القصائد و الوجوه الحسناء , على عبارات ,أقرُّ بأنـّها أجمل ما قيل في المرأة ,.. أثناء حواره في شباط 1989 مع الأستاذ " عيسى مخلوف " من "مجلة شذا " في باريس.. عندما سئل: (أنت تؤنـّثُ المكان و تعتبر المكان غير المؤنث لا يُعوّل عليه.. لماذا؟ )
فأجاب : ( حيث تكون المرأة ..يكون الخصب و النماء.. و يخضر الشجر .. وترتفع السنابل .. و يمتلئ العالم بالورد و القمح و الأطفال...
حيث تكون المرأة تفيض أنهار الحنان ..وتتكاثر ذريـّة النجوم و ذريـّة القصائد).
بهذه العبارات فقط اشعر بأنني جدير بان أخاطب المرأة .. وأفيها حقها .. وأقف عند أعتاب رضاها. فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة اللاتي غالبا ما كنّ ينبوع العطاء اللامتناهي الذي لم يفرض علينا يوما من الايام استحقاقات على ذلك العطاء.