المدير العام
عدد المساهمات : 166 تقييم المستوى : 601 تاريخ التسجيل : 26/05/2009
| موضوع: بغداد.. النداء الاخير قبل الضياع الثلاثاء سبتمبر 29, 2009 7:24 am | |
|
بغداد.. النداء الاخير قبل الضياع
مضت أكثر من ستة أعوام، وما زالت بغداد، رغم كل شيء، موجودة بنهرها الخالد دجلة، باناسها الذين رفضوا النزول الى قبو الطائفية رغم كل المحاولات، مازالت موجودة بشوارعها العتيدة والعريقة، بابنيتها التي تفوح منها رائحة طين النهر، بمساجدها التي نهض العديد منها نافضا عنه غبار التخريب والتدمير الذي طاله عقب تفجيرات سامراء في 22 فبراير/شباط 2006، مازالت موجودة بغداد، ولكن خطر الضياع ايضا مازال موجود، يتهددها في كل وقت وحين.عندما زرت بغداد هذا الصيف، كنت اشعر إن المدينة التي اعرفها لا اعرفها، وربما هي ايضا أنكرتني، تغيرت كثيرا، تغير وجهها الجميل الغافي على ضفاف النهر، كل شيء فيها كان يئن تحت وطأة الإهمال والتخريب والتدمير، لا يد تمتد لتنقذ الشارع العتيق، ولا إله تعمل لتنظف بقايا القمامة التي باتت تحاصر أحياء بأكملها، لا احد يمكن له ان ينفض عن المنازل غبار العواصف الترابية التي باتت تمثل الطقس المألوف والمعتاد للعراقيين، دون ان يعرف السر والسبب وراء ذلك.بغداد رغم انها مازالت موجودة الا ان خطر ضياعها، كمدينة عربية وإسلامية عريقة لها فضلها على المدن والأمصار قديمها وحديثه، مازال موجودا، نعم قد تضيع بغداد ويضيع وجهها العربي والإسلامي، فالكثير الكثير ممن دخلوا عاصمة الرشيد كغزاة، يعملون جاهدين لتغيير الحقائق وقلب مفاهيم التاريخ.تغيظهم كثيرا ان تكون بغداد عاصمة الرشيد كما عرفت عبر التاريخ، ويغيظهم أكثر ان باني هذه المدينة هو الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور لذلك عرفت ايضا باسمه، مدينة المنصور، ويغيظهم الكثير من شواهدها ومساجدها التاريخية ومدرستها المستنصرية، لذا فانهم يعملون، ولعل من ابرز ما حققوه حتى اللحظة هو ذاك التغيير الممنهج للمواد الدراسية، والتي اختفى من اغلبها ذكر عاصمة الرشيد وذكر المنصور وذكر بغداد الخلافة الإسلامية، وصارت بوصلة بعض المواد تتجه شرقا مادحة ومشيدة بانجازات آخرين، ليس لهم على ارض الوطن من ذكر.دجلة بغداد هو الآخر يعاني، انه ينحسر، مثله مثل الشقيق الآخر، الفرات، لا احد يعرف لماذا تمارس حكومة تركيا الاسلامية هذا الضغط على العراق والعراقيين، نهر دجلة الذي يقطع الاراضي العراقية من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، يمثل بوابة الخير والزراعة لمعظم العراقيين، ينحسر، وفي مناطق من بغداد يمكن ل كان تعبر النهر مشيا، ومنظر الأراضي الزراعية التي اصابها الجدب وهجرها اهلها يدمي القلب، ولا من مغيث.بغداد لا يمكن لها ان تموت، نعم تمرض، كما هي مريضة الان، ولكنها ستبقى موجودة. بغداد اليوم تطلق النداء الاخير قبل ضياعها، كمدينة اسلامية وعربية عريقة، ضياعها كمدينة كانت تمثل في يوم من الايام احدى القلاع العلمية والثقافية في العالم، ضياعها كمدينة تمثل فيها الابداع بابهى صوره.نعم ستبقى موجودة بغداد رغم كل شيء، ولكن اذا ما تم تدارك احوالها، وتلافي حالة الضياع الثقافي والإسلامي، فانها ستبقى مجرد ابنية وجدران قد تطلى وقد يتغير لونها، قد ترتفع الابنية، وقد تعانق بعضها غيوم السماء، ولكن بغداد العراقة والتراث والتاريخ ستندثر بفعل الفاعلين، وكيد الحاقدين.بغداد تطلق النداء الأخير لها قبل الضياع، يجب ان تضع اليونسكو يدها على الكثير من المرافق التاريخية في بغداد، فهذه ايضا قد تطالها يد تخريب من قبل الرافضين لتاريخ بغداد... انه النداء الأخير مرة اخرى... قبل الضياع. | |
|